الوحدة

الخميس، 19 مايو 2011

الفرق بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني



v النظام البرلماني:

(1) النظام البرلماني هو نوع من أنواع الحكومات النيابية ويقوم على وجود مجلس منتخب يستمد سلطته من سلطة الشعب الذي انتخبه ويقوم النظام البرلماني على مبدأ الفصل بين السلطات على أساس التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وتتكون السلطة التنفيذية في هذا النظام من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء ويلاحظ عدم مسؤولية رئيس الدولة أمام البرلمان أما مجلس الوزراء أو الحكومة فتكون مسئولة أمام البرلمان أو السلطة التشريعية ومسؤولية الوزراء إما أن تكون مسؤولية فردية أو مسؤولية جماعية بالنسبة لأعمالهم.


يؤخذ بهذا النظام في الدول الجمهورية أو الملكية لأن رئيس الدولة في النظام البرلماني لا يمارس اختصاصاته بنفسه بل بواسطة وزرائه.
ومع أن السلطة التشريعية لها وظيفة التشريع فإن للسلطة التنفيذية الحق في اقتراح القوانين والاشتراك في مناقشتها أمام البرلمان كذلك فيما يتعلق بوضع السياسات العامة من حق السلطة التنفيذية لكنها تمتلك الحق في نقاش السياسات وإبداء الرأي فيها كما تمتلك السلطة التشريعية الحق في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية والتصديق على ما تعقده من اتفاقيات.
لذلك فمعظم العلاقة بين السلطتين مبنية على التوازن والتعاون أما ما يتعلق برئيس الدولة في النظام البرلماني فقد اختلف الفقهاء حول دوره في النظام البرلماني ويكون معظم دوره سلبياً ويكون مركزه مركز شرفي ومن ثم ليس له أن يتدخل في شؤون الإدارة الفعلية للحكم وكل ما يملكه في هذا الخصوص هو مجرد توجيه النصح والإرشاد إلى سلطات الدولة لذلك قيل أن رئيس الدولة في هذا النظام لا يملك من السلطة إلا جانبها الاسمي أما الجانب الفعلي فيها فيكون للوزراء.
لذلك فرئيس الدولة يترك للوزراء الإدارة الفعلية في شؤون الحكم وهو لا يملك وحده حرية التصرف في أمر من الأمور الهامة في الشؤون العامة أو حتى المساس بها وهذا هو المتبع في بريطانيا وهي موطن النظام البرلماني حتى صار من المبادئ المقررة أن (الملك يسود ولا يحكم).
فالنظام البرلماني المولود في بريطانيا انتقل إلى القارة الأوروبية في القرن التاسع عشر أرسيت قواعده في فرنسا بين عامي (1814-1840م) أي تحت الملكية واعتمدته بلجيكا عام (1831م) وهولندا في نهاية القرن التاسع عشر وكذلك النرويج و الدنمارك والسويد بين عامي (1900م-1914م) وكانت فرنسا في عام 1875م الدولة الأولى في العالم التي أرست جمهورية برلمانية.
أي أن الوظيفة الفخرية لرئيس الدولة والمجردة من السلطات الفعلية ساعدت في الإبقاء على ظاهر ملكي لنظام هو في الحقيقة نظام ديمقراطي، وبعد حرب 1914م انتشر النظام البرلماني في دول أوروبا الوسطى والجديدة التي أنشأتها معاهدة فرساي.
ويختلف الفقهاء حول الاختصاصات لرئيس الدولة، وذلك لتكليف البرلمان الاختصاصات الرئيسية للوزراء، ونستدل على بعض الآراء لهذه المهام في النظام البرلماني.


الوزارة هي السلطة الفعلية في النظام البرلماني والمسئولة عن شؤون الحكم أما رئيس الدولة فانه غير مسئول سياسياً بوجه عام فلا يحق له مباشرة السلطة الفعلية في الحكم طبقاً لقاعدة (حيث تكون المسؤولية تكون السلطة) وفي رأي آخر إن إشراك رئيس الدولة- ملكاً أو رئيساً للجمهورية- مع الوزارة في إدارة شؤون السلطة لا يتعارض مع النظام البرلماني بشرط وجود وزارة تتحمل مسؤولية تدخله في شؤون الحكم.


لذلك نرى من خلال الجانب العملي فإن الوزارة في النظام البرلماني هي المحور الرئيسي الفعال في ميدان السلطة التنفيذية حيث تتولى العبء الأساسي في هذا الميدان وتتحمل المسؤولية دون سلب رئيس الدولة حق ممارسة بعض الاختصاصات التي قررتها أو تقررها بعض الدساتير البرلمانية في الميدان التشريعي أو التنفيذي ولكن شريطة أن يتم ذلك بواسطة وزارته الأمر الذي يوجب توقيع الوزراء المعنيين إلى جانب رئيس الدولة على كافة القرارات المتصلة بشؤون الحكم إلى جانب صلاحية حضور رئيس الدولة إثناء اجتماعات مجلس الوزراء ولكن بشرط عدم احتساب صوته ضمن الأصوات.
لذلك يفرق الوضع الدستوري في بعض الدول بين مجلس الوزراء والمجلس الوزاري حيث يسمى المجلس بمجلس الوزراء إذا ما انعقد برئاسة رئيس الدولة ويسمى بالمجلس الوزاري إذا ما انعقد برئاسة رئيس الوزراء.
ورئيس الدولة هو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء ويقيلهم ولكن حقه مقيد بضرورة اختيارهم من حزب الأغلبية في البرلمان- ولو لم يكن رئيس الدولة راضياً- فالبرلمان هو الذي يمنح الثقة للحكومة وتختلف الحكومات في النظام البرلماني بقوة أعضائها و الأحزاب المشتركة في الائتلاف حيث تسود الثنائية الحزبية عند وجود التكتلات المتوازنة في البرلمان.
وفي النظام البرلماني رئيس الدولة هو الذي يدعو لإجراء الانتخابات النيابية وتأتي بعد حل المجلس النيابي قبل انتهاء فترته أو عند انتهاء الفترة القانونية إلى جانب أن بعض الدساتير تمنح لرئيس الدولة الحق في التعيين في المجلس النيابي أو مجلس الشورى أو حل البرلمان
. (1)


(2)النظام البرلماني فتقوم العلاقة فيه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، على أساس التعاون وتبادل المراقبة. ويتميز الجهاز التنفيذي بالثنائية من حيث وجود رئيس دولة منصبه شرفي وحكومة تختار من حزب الأغلبية في البرلمان تمارس السلطة الفعلية وتكون مسئولة عنها أمام البرلمان، كما أن مسؤولية الحكومة تضامنية وهي مسؤولية سياسية تتمثل في وجوب استقالة كل حكومة تفقد ثقة البرلمان، بينما في النظام الرئاسي لا وجود لحكومة متجانسة متضامنة في المسؤولية.

وتقام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية علاقة تعاون وتوازن أبرزها حق الحكومة في الدفاع عن سياستها أمام البرلمان، والمشاركة في العملية التشريعية بما يمنحه لها الدستور من حق اقتراح القوانين والتصديق عليها، أما الرقابة المتبادلة فأبرز مظاهرها حق البرلمان في سحب الثقة من الحكومة ويقابله حق الحكومة في حل البرلمان.
(2)


v النظام الرئاسي :

(1)إن مبدأ الفصل بين السلطات قد اتخذ المعيار لتمييز صور الأنظمة السياسية الديمقراطية النيابية المعاصرة ويتضح النظام الرئاسي في شدته وتطبيقه بأقصى حد ممكن في دستور الولايات المتحدة الأمريكية من حيث حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب والفصل الشديد بين السلطات فرئيس الجمهورية في النظام الرئاسي منوط به السلطة التنفيذية وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الثانية من دستور الولايات المتحدة الأمريكية حيث جاء فيها (تناط السلطة التنفيذية برئيس الولايات المتحدة الأمريكية) وهو الذي يشغل هذا المنصب لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد بانتخاب جديد ولا يجوز بعدها تجديد هذه الولاية بأية صورة من الصور.

لذلك يصبح رئيس الدولة هو صاحب السلطة التنفيذية بشكل كامل لأنه لا يوجد مجلس وزراء في النظام الرئاسي كما هو كائن في النظام البرلماني أو في النظام النصف رئاسي ولا توجد قرارات تخرج عن إرادة غير إرادته مثل ذلك عندما دعا الرئيس الأمريكي (لنكولن) مساعديه (الوزراء) إلى اجتماع وكان عددهم سبعة أشخاص حيث اجتمعوا على رأي مخالف لرأيه فما كان منه إلا أن رد عليهم بقوله المشهور (سبعة «لا» واحد «نعم» ونعم هي التي تغلب) لذلك نرى أن رئيس الدولة الأمريكية هو صاحب السلطة الفعلية والقانونية للسلطة التنفيذية على المستوى الوطني والمستوى الدولي.
فعلى المستوى الوطني يناط بالرئيس حماية الدستور وتطبيق القوانين واقتراح مشروعات القوانين ودعوة الكونجرس إلى عقد دورات استثنائية وتوجيه رسائل شفوية للكونجرس وتعيين كبار القضاة وتعيين المساعدين (الوزراء) وكبار الموظفين.
أما على المستوى الدولي فرئيس الدولة هو المسئول بصورة أساسية عن علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بالدول الأجنبية وهو الذي يعين السفراء والقناصل وهو الذي يستقبل السفراء الأجانب ويجري الاتصالات الرسمية بحكوماتهم ولذلك قيل بان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية هو الدبلوماسي الأول.
لذلك أصبح من المهم جداً في الأنظمة الجمهورية التقيد دستورياً في النظام الرئاسي أن يتولى الشعب انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام سواء كان مباشراً أو غير مباشر ومن هنا تأتي مكانة وقوة رئيس الدولة الذي يتساوى فيها مع البرلمان شرعيته الديمقراطية والشعبية.
ولكن وبالرغم من القاعدة الشعبية التي تستند أليها مشروعية اختيار رئيس الدولة إلا أن نجاحه في مهامه وصلاحياته يتوقف على حكمته وكياسته في القيادة بل وقدرته على كسب المؤيدين في الكونجرس فهو يعتمد بشكل كبير على أنصاره حزبياً في البرلمان والسعي إلى تكوين أغلبية برلمانية تدعمه في سياساته وقراراته.

الأنظمة النصف رئاسية
إن النظام الذي أرساه الإصلاح الدستوري في فرنسا في عام 1961م بإقرار انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع الشامل دون إلغاء الإطار البرلماني و أنظمة برلمانية أخرى مارست أو تمارس هذا الشكل من الانتخاب الرئاسي مثل ألمانيا والنمسا عبر هذه التجارب يبرز نموذج متميز من العلاقات بين الحكومة والبرلمان يمكن تسميتها بالنصف رئاسي ويحدد الكاتب ( موريس دوزجيه ) هذا المفهوم للنظام النصف رئاسي (يبدو أن النظام النصف رئاسي اقرب إلى النظام البرلماني منه إلى النظام الرئاسي) وبالفعل فأننا نجد في هذا النظام العناصر الجوهرية للبرلمانية السلطة التنفيذية منقسمة بين رئيس دولة ووزارة يرأسها رئيس حكومة الوزارة هي مسئولة سياسياً أمام البرلمان أي أن هذا الأخير يسوغ له أن يرغم - عبر التصويت على حجب الثقة - رئيس الحكومة على الاستقالة مع مجموع وزارته وللسلطة التنفيذية الحق في حل البرلمان مما يزيد من نفوذها على الأخير. الفارق الأساسي يتعلق باختيار رئيس الدولة فعوضاً عن أن يكون منتخباً من قبل البرلمانيين أو عدد قليل من الوجهاء يكون هو رئيساً منتخباً بالاقتراع الشامل كما في الولايات المتحدة الأمريكية أنها حالة فرنسا والنمسا هذا ما كانت عليه الحالة في جمهورية ويمار وتعرف فنلندا منظومة مختلفة بعض الشيء اقرب إلى البرلمانية ينتخب فيها رئيس الجمهورية باقتراع غير مباشر من ناخبين رئاسيين معينين خصوصاً لهذا الهدف من قبل المواطنين لكن هؤلاء الناخبين هم منتخبون بالتمثيل النسبي ويجتمعون في جمعية الانتخاب الرئيس مما يجعل منهم وسطاء حقيقيين.

نظرية النظام النصف رئاسي
سبعة بلدان في الغرب عاشت تجربة دستور تنص أحكامه على انتخاب رئيس بالاقتراع الشامل ومنحه صلاحيات خاصة كما في النظام الرئاسي وعلى رئيس الحكومة أن يقود حكومة يمكن للنواب عزلها كما في النظام البرلماني في هذه البلدان لم يستمر ويثبت هذا النظام طويلاً في ألمانيا و ويمار أزاحها الإعصار الهتلري في البرلمان طبق فيها منذ ثمانية عشر شهراً بعد نصف قرن من الدكتاتورية في أمكنة أخرى عمل بهذا النظام دون اهتزازات منذ عشرين عاماً في فرنسا وثلاثين عاماً في فنلندا.
الصلاحيات الدستورية للرئيس في الدساتير السبعة نصف رئاسية منها في فرنسا فرئيس الدولة هو منظم أكثر منه حاكم يمكنه إعادة القوانين أمام البرلمان لدراستها من جديد ويمكنه حل الجمعية الوطنية وحتى اللجوء إلى الاستفتاء ويمكنه أن يختار رئيس الوزراء الذي يبدو أنه قادر على الحصول على دعم الأغلبية البرلمانية لكنه لا يشارك بنفسه في التشريع والحكم إلا في حالتين عبر تعيين كبار الموظفين وفي حالة الظروف الاستثنائية.
وفي ايرلندا سلطات الرئيس من الضعف بحيث نتردد في وصفه بالمنظم فلا يمكنه أن يقرر وحده دون موافقة رئيس الوزراء إلا عندما يطلب من المحكمة العليا التحقق من دستورية قانون صوت عليه البرلمان أو عندما يدعو أحد المجلسين أو كليهما للانعقاد في جلسة غير اعتيادية أو لتوجيه رسالة للنواب و أعضاء مجلس الشيوخ ويملك صلاحية الإعاقة لرفض الحل الذي يطالبه به رئيس الوزراء واللجوء إلى استفتاء تطلبه أغلبية مجلس الشيوخ وثلث مجلس النواب وهذه السلطات لا تعطي نفوذاً سياسياً لكنها تتجاوز وضعيته كرئيس دولة رمزي بحت.

غير أن النظام الفرنسي يبقى برلمانياً فرئيس الوزراء والوزراء يشكلون وزارة مسئولة أمام البرلمان الذي يستطيع إرغامها على الاستقالة بحجب الثقة عنها ولا تستطيع الحكومة أن تحكم إذا لم تحصل على أغلبية أصوات الجمعية الوطنية إن أهمية الأغلبية الديجولية منذ عام 1962م اخفت هذه المشكلة و إذا ما غابت من جديد هذه الأغلبية التي ميزت الجمهوريتين السابقتين فسوف يعمل النظام نصف الرئاسي على نحو مختلف جداً عنه اليوم. يتميز النظام السياسي الفرنسي بالميزة الثانية وهي ميزة الأغلبية البرلمانية والتوجه السياسي لهذه الأغلبية البرلمانية ومنظمة في الجمعية الوطنية منذ عام 1962م أيضاً ميزة التطابق بين التوجه السياسي لهذه الأغلبية البرلمانية والتوجه السياسي لرئيس الدولة الذي يقيم وحده وثيقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية والميزة الأخرى أن الرئيس هو زعيم الأغلبية ورئيس الوزراء نفسه الأركان للرئيس.

إن أعجب ما في هذه الميزات يتعلق بتحول منظومة الأحزاب حتى عام 1955م عرفت أحزباً متعددة ضعيفة قليلة التنظيم تتجمع ضمن تحالفات هشة ومؤقتة وبصورة عامة موجهة نحو الوسط ومنذ عام 1962م تجمعت الأحزاب ضمن تحالفين كبيرين منظمين أحدهما يميني والآخر يساري وهذا يسمى (ثنائية الأقطاب) وهذا ما يشكل جوهر الأغلبية البرلمانية.

(2) يقوم النظام الرئاسي على حصر السلطة التنفيذية بيد رئيس الدولة كما يقوم على الفصل التام بين السلطات فرئيس الدولة منتخب من قبل الشعب مالك السلطة ومصدرها، ويرأس رئيس الدولة الحكومة ويمارس سلطاته بنفسه وهو الذي يختار وزراءه الذين يقومون بتنفيذ السياسة العامة التي يرسمها لهم.
ومن أهم مظاهر الفصل بين السلطات حرمان السلطة التنفيذية من حق اقتراح القوانين وحرمان الوزراء ورئيس الدولة من الاشتراك في مناقشات البرلمان وحرمانهم أيضا من حل المجلس النيابي، ويقابل ذلك حرمان البرلمان من حق سحب الثقة من الرئيس أو وزرائه.

وقد نشـــأ النظام الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية ولكن معالمه قد تغيرت كثيراً وبخاصة فيما يتعلق بالفصل بين السلطات إذ حل التعاون محل التباعد والاستقلال المطلق. أما النظام البرلماني فقد نشأ في انجلترا ومنها تحددت معالمه المذكورة أعلاه. (2)




  • المراجع:
1 – علي الجزائري , 2008-12-18 , http://as7ab.maktoob.com/group/viewForum196327.htm .
2 – د. محمد عبدالقوي مقبل , جريدة 14اكتوبر العدد(13912) , الأحد الموافق 21/10/2007


للمزيد: http://www.hrdiscussion.com/hr5739.html#ixzz1MpZ49YcO

الخميس، 12 مايو 2011

ميكيافيلي

هو « نيقولا ميكافيلي » إيطالي، ولد في «فلورنسا » وعاش ما بين عام (1469- 1527م). كان أبوه محاميًا متوسط الحال. حصل على وظيفة صغيرة في حكومة «فلورنسا » سنة (1498م). ثم ترقى وتقلب في وظائف بعثات دبلوماسية ذات أهمية للحكومة، ثم أصبح المستشار الثاني للجمهورية. وعندما استولت أسرة «مديتشي » على الحكم سنة (1512م) سجن لأنه كان معارضًا لهم، ثم نُفي في العام التالي، وسمح له بأن يحيا حياة التقاعد في الريف قرب «فلورنسا ». وتفرّغ للكتابة والتأليف، أشهر مؤلفاته :

1 – كتاب «الأمير » وقد أصدره سنة (1513م) وأهداه إلى «لورنزو » وكان هدفه أن يسترضي به «الميديتشيين ». دعا فيه إلى قيام دولة إيطالية موحدة بحاكم قوي، دون اعتبار القيم الخلقية، ولكنه لم ينجح في استرضائهم .

2 – كتاب «المطارحات » وهو أكبر من كتاب الأمير .

3 – كتاب «فن الحرب » أصدره سنة (1520م) تحدث فيه عن الجيش الضروري لمثل الحكم الذي وصفه في كتابه «الأمير ».

4 – كتاب في تاريخ فلورنسا، حلل فيه تطور المدينة حتى سنة (1492م) وله بعض الروايات .

أثرت آراؤه وأفكاره التي بثها في كتبه في العلم السياسي. وتجمعها الفكرة التي أمست من قواعد السياسة في معظم دول العالم العلمانية، وهي «الغاية تبرر الوسيلة ».

قل للمليحة (الدارمي)




قل للمليحه في الخمار الأسودمـاذا صنعـت بـزاهـد متعـبـد ؟
قـد كـان شمـر للـصـلاة ثيـابـهحتى وقفت له بباب المسجـد .
ردي عليـه صـلاتـه وصيـامـهلا تقتلـيـه بـحـق ديــن مـحـمـد



الثلاثاء، 10 مايو 2011

العلمانية وتأثيرها على الدين

العلمانية وتأثيرها على الدين


إن مسألة العلمانية التي قد شاع صيتها في أوساط المجتمعات الغربية وذلك بسبب ظروف سياسية واقتصادية و اجتماعية قاسية وفي ظل تهميش العلم الحديث والعلماء,ومن أوروبا التي انطلقت منها إلى بقية أرجاء العالم ,كانت العلمانية كفكر قد انتشرت انتشارا عرف بالتدريجي ويرجع ذلك إلي عدة أسباب منها معاداتها للدين واختلاف أفكارها التي تأتي من قوانين سطرها البشر بنفسه وعمل منها ما يسمى المنهاج الفعال ,فهذه الأفكار لغت معارضة وبشدة من لدنا رجال الدين والكنيسة في الغرب حيث كانت بداية ظهورها ,و مع رفض تلاها حين انبثقت في العالم الإسلامي عن طريق الاستعمار و الحروب ,فتمت محاربتها نظرا لتعارض طريقتها مع الدين و تهميشها له و لكن العلمانية استطاعت أن تنتصر في الغرب وتضعف ثقل الكنيسة وسلطتها على النظام وإعطاء العلماء مكانتهم ,فمع التداعيات والأسباب الموجودة لظهورها في الغرب إلا أنها استطاعت مد جسورها التوسعية إلى كل الديانات ومن بينها الإسلام خاصة وتأثيرها على الأنظمة القائمة على أساس مبادئ الدين الإسلامي .


مفهوم العلمانية.

العلمانية لها معاني عدة تختلف حسب رؤية أفكار بعض المفكرين ولكنها في الحقيقة تعني ببساطة إبعاد الدين عن الحياة أو فصل الدِّين عن الحياة أو إقامة الحياة على غير الدِّين؛ سواء بالنسبة للأئمة أو للفرد.

أما أصل كلمة علمانية فهي ترجمة غير صحيحة للكلمة اللاتينية (SECULARISM) وترجمتها الصحيحة هي: اللادينية أو الدنيوية, بمعنى ما لا علاقة له بالدين ويؤكد هذه الترجمة ما ورد في دائرة المعارف البريطانية في مادة (SECULARISM) "هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها؛ وظل الاتجاه إلى الـ(SECULARISM) يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله، باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية كما يؤكد أن ترجمة الكلمة اللاتينية هي اللادينية؛ ما أورده معجم أوكس فورد شرحاً لكلمة (SECULAR):

(1)
دنيوي أو مادي، ليس دينياً ولا روحياً مثل التربية اللادينية، الفن أو الموسيقى اللادينية، السلطة اللادينية، الحكومة المناقضة للكنيسة.
(2)
الرأي الذي يقول إنه لا ينبغي أن يكون الدين أساساً للأخلاق والتربية.

فالاسم ليس له صلة كما يدعى البعض بالعلم لأنه كما ذكرنا أن أصل الكلمة باللاتينية ليس له علاقة بالعلم، والذين ابتدعوها لم يريدوا بها العلم من قريب ولا من بعيد. ولو أرادوه لاستخدموا ما يشير إلى النسبة إلى العلم هي (SCIENTIFIC) لأن العلم بالإنجليزية (SCIENCE)

كما استعمل المصطلح من قبل مفكري عصر التنوير بمعنى(المصادرة الشرعية لممتلكات الكنيسة لصالح الدولة) ثم تم تبسيط التعريف ليصبح ( فصل الدين عن الدولة) ولقد تطور المعنى ليصبح أكثر شمولا؛ فالعلمانية هي (العقيدة التي تذهب إلى أن الأخلاق لابد من أن تكون لمصالح البشر في هذه الحياة الدنيا؛ واستبعاد كل الاعتبارات الأخرى المستمدة من الإيمان بالإله أو الحياة)
والعلمنة هي تحويل المؤسسات الدينية وممتلكاتها إلى ملكية علمانية، والى خدمة الأمور الزمنية.

مفهوم الدين.

لغة:

الدين أو الديانة من دان - أي خضع وذل - ودان بكذا فهي ديانته وهو دَيِّن وتديَّن به فهو متدين ، والدين إذا أطلق يراد به ما يَتَدَيَّنُ به الرجل ، ويدين به من اعتقاد وسلوك. وبمعنى آخر ، هو طاعة المرء والتزامه بما يؤمن به ويوافق عليه من أفكار ومبادئ ويعتقد أن فيها صالحه العام

اصطلاحا:

يعتقد البعض أن التعريف الاصطلاحي للدين لا يمكن أن يكون تعريفا عاما شاملا وإنما التعريف العام يمكن أن يكون. هو التعريف اللغوي له أما التعريف الاصطلاحي فيؤخذ من كل أهل وبذلك يكون التعريف الاصطلاحي خاصا يصطلح عليه كل أهل كل دين عن دينهم ويعتقدونه ويعلمونه، ويكون تعريفا واضحا ثابتا ومفهوما بقدر ما تكون هذه الديانة واضحة ومفهومة التي يعبر عنها هذا التعريف فالدين عند المسلمين هو الإسلام وهو أن تعبد الله ولا تشرك به احد و تؤمن أن محمد بن عبدا لله رسوله أما في المسيحية فولائك يؤمنون بالثالوث (الأب,الابن والرب) وهذه الأخيرة إنما هي امتداد للديانة اليهودية وهناك الكثير من الديانات لكل واحدة اعتقادها الخاص .

سبب ظهور العلمانية.

إذا بحثنا عن الأسباب التي أدت إلي ظهور العلمانية نجد ان التاريخ يقول لنا :انه من الأساس اعترفت النصرانية بوجود سلطتين: سلطة الله,وسلطة قيصر وذلك في الجواب المشهور المنسوب الى عيسى –عليه السلام-ردا على السؤال الذي وجهه إليه اليهود حول ولائه السياسي .وقد غلب جانب الكنيسة منذ بدايات العصور الوسطى المسيحية على جوانب الحياة السياسية في اوروبا بشكل خاص بصورة مباشرة أو غير مباشرة تكاد إن تكون صاحبة السلطان المطلق على كل شي .فبكونها مؤسسة دينية فلها أن تكون سلطان مطلق على روح الفرد وعقله وسلطان على الأسرة من حيث صيرورتها وحلها ,وعلى مؤسسات الدولة بكونها سلطان الله في الأرض . فكانت العلمانية قد ظهرت عند بعض المفكرين لتغيير هذا النهج و وبناء مؤسسات تعتمد عل الفكر و العقل و تسن قوانين من خارج إطار الدين, فبدأت في عصر التنوير مع بداية العصور الوسطى ويقولون ان الشخص الذي ظهر بفكرة العلمانية هو جورج هوليواكي,فالعلمانية هي نتاج صراع مرير، ومخلفات عقود من المعاناة عاشها الغرب المسيحي في ظل أوضاع غاية في التخلف والقسوة ، وليس العجب في تلك الأوضاع من حيث هي، ولكن العجب في ارتباط تلك الأوضاع المأساوية بالدين ، فقد غدت الكنيسة في الغرب المسيحي مصدرا للظلم ومُعِينَاً للظالمين، وهي في ذات الوقت مصدر للجهل، وانتشار الخرافة والدجل ، وأصبح رجال الدين ( الاكليروس ) عبئا ثقيلا، وكابوسا مريعا، يسومون الناس سوء العذاب فكريا وماليا وجسديا، فقد كانت الكنيسة سندا قويا لرجال الإقطاع، بل كانت هي أعظم الإقطاعيين، الذين يستعبدون العامة فيستخدمونهم وأولادهم في العمل في أراضيهم ويفرضون عليهم قيودا وشروطا وإتاوات، جعلت من حياتهم جحيما لا يطاق، ليس أدنى تلك القيود حرمانهم وأولادهم من العلم، وأخذ جزء كبير من محصول الأرض التي يحرثونها، واستباحة الإقطاعي زوجة العامي في ليلتها الأولى، فإذا ما انتقلنا إلى جانب الخرافة فنجد أن الكنيسة قد رسَّخت في الناس الخرافة باسم الدين، فهناك صكوك الغفران التي يشتريها العامة مرغمين في بعض الأحيان، والتي بمقتضاها تزعم الكنيسة أنه يُغفر للإنسان ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهناك العشاء الرباني وهو عبارة عن وجبة خبز وخمر يأكلها العامي ، ليتَّحِد بالمسيح حسب زعم الكنيسة، فليس الخبز - حسب زعمهم- سوى لحم المسيح ، وليس الخمر سوى دمه، في خرافة يأبى العقلاء تصديقها.

وأما تعامل الكنيسة مع من يخالفها في معتقداتها فهو العذاب والتنكيل والاتهام بالهرطقة " الكفر "، فعندما برزت بعض النظريات المتعلقة بحركة الأرض، وكرويتها على يد العلماء، قامت الكنيسة بالتنكيل بهم، فحرقت ، وسجنت ، وقتلت، في محاولة منها للحفاظ على سلطانها القائم على الخرافة والدجل، كل هذا وغيره دفع الناس إلى التمرد على سلطان الكنيسة، بغية الخلاص من بطشها وجبروتها، وولّد في نفوسهم شعورا عارما باحتقار الدين والنفور عنه ، فكان من نتاج ذلك أن ظهر الإلحاد كإطار عقدي في البعد عن إله الكنيسة ، وظهرت العلمانية كإطار عملي في البعد عن سلطان الكنيسة، واندفع الناس في هذين الإطارين حتى نادى بعضهم قائلا : " اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس " ، لقد كانت ردة الفعل مندفعة ومتهورة ، لأن كبت الكنيسة كان قاسيا وطويلا . كما ظهرت العلمانية في الغرب في عصر التنوير ظهرت فكرتها أيضاً في الهند، وحصلت هذه الفكرة على دعم كبير من الهندوسيين، والدولة التي كانت الأسبق في تطبيق مبادئ العلمانية بشكل عام هي كندا. أما اليابان فقد سعت لتطبيق العلمانية بعد الحرب العالمية الثانية حين استلم السلطة الحزب الليبرالي الديمقراطي (وهو حزب ذو توجه علماني) والذي لا يزال حاكما إلى الآن بأغلبية ساحقة تسيطر على مقاعد البرلمان وعلى السلطة التنفيذية اليابانية، وفي تركيا بدأ تطبيق العلمانية في تاريخ 3 مارس 1924 م عندما قام مصطفى كمال أتاتورك بعزل الشريعة الإسلامية عن الحكم والسياسة .

العلمانية وشموليتها.

تميز كتابات الفلاسفة بين نوعين من العلمانية: الجزئية والشاملة.

العلمانية الجزئية:

هي رؤية جزئية للواقع لا تتعامل مع الأبعاد الكلية والمعرفية لمفهوم العلمانية، ومن ثم لا تتسم بالشمول. وتذهب هذه الرؤية إلى وجوب فصل الدين عن عالم السياسة، وربما الاقتصاد، وهو ما يُعبّر عنه بعبارة "فصل الدين عن الدولة"، ومثل هذه الرؤية الجزئية تلزم الصمت حيال المجالات الأخرى من الحياة، ولا تنكر وجود مطلقات أو كليات أخلاقية أو وجود غيبيّات وما ورائيات، ويمكن تسميتها "العلمانية السياسية" أو "العلمانية الأخلاقية" أو "العلمانية الإنسانية".

العلمانية الشاملة

وهي رؤية شاملة للواقع تحاول بكل صرامة تحييد علاقة الدين والقيم المطلقة والغيبيّات في كل مجالات الحياة. ويتفرع عن هذه الرؤية نظريات ترتكز على البعد المادي للكون وأن المعرفة المادية المصدر الوحيد للمعرفة وأن الإنسان يغلب عليه الطابع المادي لا الروحي، ويطلق عليها أيضاً "العلمانية الطّبيعية المادية" (نسبة للطّبيعة والمادة).

مراحل العلمانية.

مرّت العلمانية الشاملة بثلاث مراحل أساسية:

مرحلة التحديث:

اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الفكر النفعي على جوانب الحياة بصورة عامة، فلقد كانت الزيادة المطردة من الإنتاج هي الهدف النهائي من الوجود في الكون، ولذلك ظهرت الدولة القومية العلمانية في الداخل والاستعمار الأوروبي في الخارج لضمان تحقيق هذه الزيادة الإنتاجية. واستندت هذه المرحلة إلى رؤية فلسفية تؤمن بشكل مطلق بالمادية وتتبنى العلم والتكنولوجيا المنفصلين عن القيمة، وانعكس ذلك على توليد نظريات أخلاقيّة ومادية تدعو بشكل ما لتنميط الحياة، وتآكل المؤسسات الوسيطة مثل الأسرة.

مرحلة الحداثة:

هي مرحلة انتقالية قصيرة استمرت فيها سيادة الفكر النفعي مع تزايد وتعمق أثاره على كافة أصعدة الحياة، فلقد واجهت الدولة القومية تحديات بظهور النزعات العرقية، وكذلك أصبحت حركيات السوق (الخالية من القيم) تهدد سيادة الدولة القومية، واستبدل الاستعمار العسكري بأشكال أخرى من الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي، واتجه السلوك العام نحو الاستهلاكية الشرهة.

تأثير العلمانية على الدين.

استطاعت العلمانية ان تؤثر على كثيرا من الديانات تأثيرا متفاوتا في المستوى فالمسيحية مثلا استطاعت أن تزيحها العلمانية عن عرشها التي كانت تجلس عليه قبل القرون الوسطى لكن العلمانية في الغرب لم تقضي على الديانة المسيحية بشكل نهائي ولكن جعلت دورها محدود وفي مجالات ضيقة ففي مؤسسات الدولة على سبيل المثال أصبح النظام العلماني هو الحاكم والمسيطر علي سياسة الدول الخارجية والداخلية وأما في الدين الإسلامي فقد ظهرت هذه الأفكار في القرن العشرين وكانت نتيجة للأ ستعمار الغربي الزاحف على البلدان الإسلامية ,ورغم انبثاق مصطلح العلمانية من رحم التجربة الغربية، إلا أنه انتقل إلى القاموس العربي الإسلامي، مثيراً بذلك جدلا حول دلالاته وأبعاده. و الواقع أن الجدل حول مصطلح العلمانية في ترجمته العربية يعد إفرازاً طبيعياً لاختلاف الفكر والممارسة العربية الإسلامية عن السائد في البيئة التي أنتجت هذا المفهوم، لكن ذلك لم يمنع المفكرين العرب من تقديم إسهاماتهم بشأن تعريف العلمانية.و تختلف إسهامات المفكرين العرب بشأن تعريف مصطلح العلمانية، فعلى سبيل المثال:

* يرفض المفكر المغربي محمد عابد الجابري تعريف مصطلح العلمانية بإعتباره فقط فصل الكنيسة عن الدولة، لعدم ملاءمته للواقع العربي الإسلامي، ويرى استبداله بفكرة الديموقراطية "حفظ حقوق الأفراد والجماعات"، والعقلانية "الممارسة السياسية الرشيدة".

* في حين يرى د. وحيد عبد المجيد الباحث المصري أن العلمانية (في الغرب) ليست أيديولوجية (منهج عمل)، وإنما مجرد موقف جزئي يتعلق بالمجالات غير المرتبطة بالشؤون الدينية. ويميز د. وحيد بين "العلمانية اللادينية" -التي تنفي الدين لصالح سلطان العقل- وبين "العلمانية" التي نحت منحى وسيطاً، حيث فصلت بين مؤسسات الكنيسة ومؤسسات الدولة مع الحفاظ على حرية الكنائس والمؤسسات الدينية في ممارسة أنشطتها.

* وفي المنتصف يجيء د. فؤاد زكريا -أستاذ الفلسفة- الذي يصف العلمانية بأنها الدعوة إلى الفصل بين الدين والسياسة، ملتزماً الصمت إزاء مجالات الحياة الأخرى (مثل الأدب). وفي ذات الوقت يرفض سيطرة الفكر المادي النفعي، ويضع مقابل المادية "القيم الإنسانية والمعنوية"، حيث يعتبر أن هناك محركات أخرى للإنسان غير الرؤية المادية.

* ويقف د. مراد وهبة - أستاذ الفلسفة- و كذلك الكاتب السوري هاشم صالح إلى جانب "العلمانية الشاملة" التي يتحرر فيها الفرد من قيود المطلق والغيبيّ وتبقى الصورة العقلانية المطلقة لسلوك الفرد، مرتكزاً على العلم والتجربة المادية.

* ويتأرجح د. حسن حنفي-المفكّر البارز صاحب نظرية اليسار الإسلامي- بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ويرى أن العلمانية هي "فصل الكنيسة عن الدولة" كنتاج للتجربة التاريخية الغربية. ويعتبر د. حنفي العلمانية -في مناسبات أخرى- رؤية كاملة للكون تغطي كل مجالات الحياة وتزود الإنسان بمنظومة قيمية ومرجعية شاملة، مما يعطيها قابلية للتطبيق على مستوى العالم. من جانب آخر، يتحدث د.حسن حنفي عن الجوهر العلماني للإسلام -الذي يراه ديناً علمانياً للأسباب التالية:

النموذج الإسلامي قائم على العلمانية بمعنى غياب الكهنوت، أي بعبارة أخرى المؤسسات الدينية الوسيطة.

الأحكام الشرعية الخمسة، الواجب والمندوب والمحرّم والمكروه والمباح، تعبّر عن مستويات الفعل الإنساني الطبيعي، وتصف أفعال الإنسان الطبيعية.

الفكر الإنساني العلماني الذي حول بؤرة الوجود من الإله إلى الإنسان وجد متخفٍ في تراثنا القديم عقلاً خالصًا في علوم الحكمة، وتجربة ذوقية في علوم التصوف، وكسلوك عملي في علم أصول الفقه.

يقول المفكر السوداني الخاتم عدلان الذي يعتبر من أبرز المنادين بالعلمانية في المنطقة العربية "ان العلمانية تعني إدارة شؤون الحياة بعيدا عن إي كهنوت كما ظهرت اتجاهات جديدة في تعريف العلمانية مثل التي تنص على ان العلمانية هي استعداد الفرد والمجتمع للاستفادة من خلاصة المنتوج البشري في سبيل تحقيق رفاهيته" .

الدين في ظل العلمانية.

من الهام بين الحين والأخر أن نفتح الأبواب والنوافذ, لكي نجدد هواء حياتنا الفكرية ,ولكن علينا إن نعلم دائما إن ما يدخل من هذه الأبواب وتلك النوافذ ليس الهواء النقي فقط , فقد تدخل الجراثيم والأتربة أيضا ,هنا ينبغي لنا إن نضع غربالا أو معيارا يسمح بدخول الهواء النقي فقط ,ويقلل بقدر المستطاع من دخول هذه الجراثيم وتلك الأتربة وذلك لكي نحمي مواطنينا ونصوصهم.

و هكذا ننتهي إلي وجود معايير للنقل الفكري بين الحضارات,فالمسلمون الأوائل لم ينقلوا فكر اليونان و الرومان والفرس إلا في أواخر القرن الثاني الهجري ,بعد إن دون القرآن,ووضع تفسير له ,وجمع الحديث ودونت علومه والعلوم الأخرى كالنحو والأدب على أيدي سيبويه والخليل بن احمد والجاحظ على التوالي,وبعد كل هذا بدا نقل فكر اليونان والرومان والفرس فكلها كانت على معيار الدفاع عن الدين.

نخلص من هذا إلى إن مسألة نقل الفكر من حضارة إلى أخرى أمر وارد, ولكنه يجب إن تمر من خلال مصفاة أو معايير تتعلق بالاتي:

1- مدى تشابه أو اختلاف الظروف الثقافية والاجتماعية و التاريخية والحضارية بين المنقول منه والمنقول إليه.

2- مدى تشابه أو اختلاف ملامح الشخصية العامة للأمة.

3- مدى اتساق هذا الفكر أو عدم اتساقها.

4- وقبل كل هؤلاء جميعا علينا النظر في مدى صحة هذا الفكر في حد ذاته.

و إذا أردنا إن نطبق هذا المعيار على هذا المفهوم (العلمانية) فسوف نخرج بالتالي:

1- لم تعرف البلاد الإسلامية الحكومة الثيوقراطية(أو الحكومة الدينية).

تلك الحكومة التي تدعى الحديث باسم السماء, والتي تدعى أن مفاتيح السماء حكر على الحكام ورجال الدين والتي توجب الطاعة العمياء على المؤمنين بها , فهذا المفهوم للحكومة التي تدعى كل ما سبق ,ليس موجود في الإسلام فالحكومة في الإسلام تقوم بتفويض من الناس وليس بتفويض من الله,إذن إن الله لم يعين أسماء الحكام المسلمين من نزول الوحي ,وحتى يوم الميعاد ,فالناس يحددون بأنفسهم من يرونه متوفر على شروط المسؤولية التي حددها القران الكريم وأيضا العلمانية ظهرت في الغرب لأسباب خاصة فالمسلمون بعيدون عنها ولا يربطهم بها رابط.

- الغرب رأى في العلمانية طريقا لتحسين مسار حياته التي عانت كثيرا من الصدمات خلال فترات طويلة من الزمن أدت إلى ضعف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومن الأسباب التي أدت أيضا إلى ظهورها هو الحجر على العقول والوقوف ضد كل إبداع فكري وعلمي بالإضافة إلي وجود النعرات الطائفية و الدينية ,والمتمثلة في بحور الدم التي أسيلت بين الكاثوليك و البروتستانت و نبذهم للأديان كلها بما فيها اليهودية مما أدى إلى تجمع الاوروبين وتحالفهم مع من تجمعهم معه مصالح مشتركة سعيا نحو الأهداف العامة بدون الالتفات إلى الانتماء الديني وجعل مكانه الانتماء القومي في الأوساط الغربية الباب الأمثل لخلق نهضة على أسس عقلية وفكرية .

إن الفكر العلماني الذي نشاء في كنف الغرب الذي كان يطمح في إعادة هيكلته بعد هيمنة سلطة المسيحية, و إثارة النزعات الطائفية, وتحجر العقل, أصبح شعارا يداوله بعض المتمرسين العرب و المسلمين الذين درسوا في مدارس الغرب على انه حل مثالي لتحسين الأوضاع التي يعاني منها المواطن العربي والإسلامي داخل بلده, وحل لمشاكله العالقة دون النظر في الشريعة الإسلامية , و توعية المجتمعات بإبراز ما بها من حلول لمشاكل العالم وليس فقط الدائرة التي تحوي المسلمين فالإسلام جاء بالوسطية والاعتدال وهو دين الله الذي يصلح لكل زمان ومكان القادر على حل مشاكل العالم اجمع وهو الذي بعقيدته استطاع المسلمين إن يصنعوا مجد حضارتهم وان يتفوقوا على الأمم السابقة, فليس الدين الإسلامي بحاجة إلى العلمانية ولا إلى أفكار تتغير بين عشية وضحاها أو على أنها نجحت مع الغرب ستنجح مع الشرق,و الذي يستطيع حل مشاكله ومشاكل العالم بأسره إذا تمعن في دينه وطبق شريعته على أحسن صورة ومثال, و في الأخير وصايتي لكل قارئ بالتدقيق في أفكار الغرب وتجنب كل ما يمس بديننا الحنيف و تقبل الأفكار والعلوم التي من شأنها أن تخدم مصلحة الدين الإسلامي و إعلائه.

الروابط

www.al-sham.net في بحث تحت عنوان العلمانية-1

2- في بحث تحت عنوان الدين ar.wikepedia.org

www.saaid.net3- بحث عن تحت عنوان العلمانية

4- كتاب التيارات الفكرية والحركات المعاصرة ص97-99 للدكتور احمد عبد الرحيم السايح.

5- كتاب العلمانية النشأة والأثر في الشرق والغرب(زكريا فايد).

www.islamweb.net. 6- تحت عنوان المذاهب